نحت
الموقع: المعرفة
الرابط: https://m.marefa.org/%D9%86%D8%AD%D8%AA
النَحْت اسم مذكر لا يُؤنث ويجمع جمع تكسير على نُحُوْت ومصدر.
معاني الكلمة:
١. مَصْدَرٌ للفِعْلِ نَحَتَ ، وهو القَطْع والبَري والنشر والقشر وتشكيل الخشب أو الحجر أو غيره.
٢. الشيء الذي نُحِتَ، النقش أو التمثال أو غيره مما كان ناتج النحت.
فمثلا :أرأيت النحت الجميل في هذا الكرسي؟
٣. الطبيعة، وخصوصا طبيعة الإنسان.
٤. في عُلُوم ٱللُّغَةِ: هو تشكيل كلمة من كلمتين مختلفتين أو أكثر عن طريق دمجهما معا.
مثال في التاريخ :كلمة قَرْوَسَطِيّ نَحْتٌ من كلمتي القُرُون الوُسْطَى.
مثال في الفيزياء :زمكان نَحْتٌ من كلمتي زمان و مكان.
تمثال نهضة مصر للمثال محمود مختار
ستعرض هذه الصفحة معلومات ممتعة عن المعنيين الأولين :
تمثال الرحمة Pietta پييتا من أعمال مايكل أنجلو
فن النحت بالإنگليزية: Sculpture هو فن تجسيدي يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان ، حيوان. وذلك باستخدام الجص أو الشمع، أو نقش الصخور. فن النحت أحد جوانب الابداع الفني و هو يعتمد علي المجسمات الثلاثية الأبعاد.
يعدّ النحت أحد فروع الفن التشكيلي ومظهر من مظاهره، يعتمد على إبراز حجوم الأشكال خاصة، ويركز عموماً على الهيئة الإنسانية، وعلى هيئات الحيوانات بدرجة أقل، وتندر في النحت المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة. ويحاكي النحت الشخوص والأشكال في الفراغ ويظهر حركتها ووضعيتها، ويقوم على قوانين الانسجام والإيقاع والتوازن والتأثير المتبادل في الوسط المحيط. والنحت هو فن التشكيل بمواد صلبة: الحجر والمعدن والرخام والخشب والجبس والشمع واللدائن والمواد المصنعة.
ويختلف فن النحت في أسلوبه عن باقي الفنون فهو لا يتعامل مع الأشكال المسطحة مثل فن التصوير وإنما يتضمن أشكال مجسمة ذات أبعاداً ثلاثة نجد أن المتعة الفنية التي تتصل بأعمال النحت لا تأتي من خلال المشاهدة فقط وإنما عن طريق الملمس والحركة المجسمة أيضاً ويشكل النحات الأعمال بيديه التي هي أقدر الوسائل لنقل الحس الفني العالي باللمس، إلي جانب استخدامه لبعض الخامات التي تنقل لدينا الإحساس بواقعية الشكل المنحوت ومن هذه الخامات: الرخام المصقول والخشب والصلب.
مولد الملهمات، نحت جاك ليپشيتس.
ويمكننا أن نجد نماذج النحت في الحضارات القديمه باختلاف اشكاله و منها في الحضارات الفرعونية و الرومانية واليونانية التي نجد فيها فن النحت من أكثر الفنون انتشاراً وتعبيراً عن الجو المحيط مع اختلاف الغرض من استخدام هذا الفن وعادة كان المقصود منها النواحي الدينية للتعبير عن الالهة المختلفة الخاصة بهم. وأيضاً نجد انتشار فن النحت في عصر النهضة والباروك ووجود نحاتين عظام. وإن كان استخدام فن النحت في عصورنا الحالية الغرض منه أساساً الابداع الفني وتوصيل رسالة معينة إلي الجمهور باختلاف الأسلوب المستخدم فيه مثل التجريدي والهندسي والأكاديمي.
فهرست
تاريخ فن النحت
فن النحت أقدم من التاريخ المسجل. وقد عثر علماء الآثار على عينات من العظام والقرون المنحوتة صنعها الإنسان خلال العصر الحجري. وتعود بدايات النحت إلى العصور الأولى والمجتمع البدائي، فقد كانت المنحوتات ذات أحجام صغيرة ومستديرة، نُفِّذت من الأحجار الطينية والعظام والخشب، ونُقشت على جدران المغاور مباشرة، أو على أحجار مسطحة وذلك لأغراض طقوسية أو تعاويذ أو معتقدات دينية، وإما لتخليد الآلهة والحكام وإبراز عظمتهم وجبروتهم
وينحت الناس اليوم العديد من الأشياء من الخشب. وتعد الأقنعة المنحوتة أبرز الأمثلة على الفن الإفريقي. ويستخدم سكان الجزر في المحيط الهادئ الجنوبي أدوات بسيطة لصنع أجسام وأشياء طقسية، علاوة على الأدوات والأواني التي تستخدم يوميًا. وينحت الحرفيون زخارف بالغة التعقيد على المنازل وقشر جوز الهند وقيدومة (مقدمة) مراكب الكنو. [1]
ونحت المصريون القدامى أشكالاً جميلة من الخشب والعاج والمرمر والحجر والفيروز ومواد أخرى. والعديد من هذه المنحوتات لافت للنظر؛ لأنها نحتت من أحجار شديدة الصلابة مثل صخر الديوريت البركاني و الرخام السماقاني. وصنع الحرفيون المصريون مجوهرات ذات نقش غائر أي ذات نقوش محفورة على أسطحها. واستخدم الناس تلك المجوهرات في إنتاج نسخ منها على الشمع الأحمر.
واستخدمت حضارات بلاد ما بين النهرين النقش الغائر أيضًا. ونحت السومريون والبابليون القدامى أختامًا أسطوانية من الأحجار الملونة. وعندما تتم دحرجة هذه الأسطوانات على طين ناعم، فإنها كانت تترك بصمات عليه. وفي النصف الغربي من الكرة الأرضية، عرف القدماء النحت أيضًا، فقد نحت هنود الأزتك، والمايا، والزابوتيك تماثيل عديدة على أهرامات حجرية. وبجانب ذلك، صنع أفراد هذه القبائل منحوتات من حجر اليشم والسبج (الزجاج البركاني).
نحت من العصر الآشوري «اللاماوسو: رأس إنسان وجسم ثور وأسد»
كما انتشرت في حضارة بلاد الرافدين (سومر، آكاد، بابل،آشور) المنحوتات النافرة بتفاصيل عدة، بما فيها عناصر مأخوذة من الطبيعة مثل المنحوتات الآشورية. واتجه النحت عند الإغريق والرومان إلى الاهتمام بالمواطنين الأحرار والأباطرة والقادة العسكريين والرياضيين. وكان هدفه الأسمى تجسيد المثل الاتباعية (الكلاسية) في ذلك العصر وإبراز الأبعاد الأسطورية، فقد ظهرت معالجات جديدة تعتمد التشريح والوضعية position الحرة في الفراغ، وقدمت هذه المرحلة نحاتين عظاماً مثل: ميرون Myron وفيدياس Phidias وبوليكليت Polyclète وبراكستيل Praxitèle وليزيب Lysippe الذين أبدعوا في محاكاة الجسد الآدمي مع إضفاء طابع مثالي. وعوضاً عن التوازن والانسجام الاتباعي حلّ في النحت الهلنستي الانفعال المضطرب والتأثيرات الخارجية.
أدخل النحت في العهد المسيحي عنصراً أساسياً مثل المنحوتات الرومية، وفي العصر البيزنطي ملأت أرجاء المعابد منحوتات تمثل الرسل والقديسين.
منحوتة حديثة لرودان: «رأس ملاكم مع أنف مكسور»
تمثال من البرونز لماركوس آوريليوس يعود تاريخه إلى روما القديمة
تطور النحت وازدهر في بلدان آسيا الوسطى والشرق القديم. وحاز أهميةً خاصة في الهند وإندونيسيا والهند الصينية التي اتسمت خصوصاً بالنزعة النصبية وبالبناء المتين للأحجام والنعومة الحسية في التجسيم.[2]
تحلل النحت تدريجياً في بلدان أوربا الغربية في الفترة ما بين القرن الثالث عشر حتى السادس عشر من المضامين الدينية والأسطورية واتجه ناحية الحياة الواقعية، ثم ظهرت في هذه الفترة لمسات واقعية كما هي الحال عند النحات الإيطالي نيقولا بيزانو N.Pisano. وقد اعتمد النحت على المبادئ والتقاليد الإغريقية القديمة لإظهار مُثُل عصر النهضة في تجسيد النواحي الإنسانية التي تكمن فيها روح الحياة (دوناتلّو Donatello، فرّوكيو Verrocchio) ويعود إلى هذا الأخير الفضل في إقامة تماثيل مستقلة عن العمارة نسبياً. وقد لقيت في هذه المرحلة تقانة البرونز ازدهاراً كبيراً، ولكن أبرز منحوتات عصر النهضة هو ما قام به النحات ميكلانجلو [ر] Michelangelo. ومن نحاتي عصر النهضة في بلدان أخرى كلاوس سلوتر C.Sluter في هولندا، وغوجون Goujon وبيلون في فرنسا، وكرافت A.Kraft في ألمانيا. وفي عصر الباروك ابتعد النحت عن الانسجام والوضوح وتأكيد الجوانب الحركية والنزعة الاحتفالية والأغراض التزيينية، ومن أبرز ممثلي هذه المرحلة برنيني G.Bernini في إيطاليا، وسلوتر في هولندا، وبوجيه P.Puget في فرنسا. وقد تطورت أساليب الفنانين حتى وصلت إلى الكلاسية المحدثة مثل جيلاردون ثم لاحقاً كانوڤا Cánovas فيإيطاليا. وحازت منحوتات هودون Houdon وبيغال J.Pigalle وفالكوني É.M.Falconet في فرنسا امتيازاً ولا سيما في «البورتريه».
وفي نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ومن خلال الأسلوب الحديث Moderne بعثت من جديد العلاقة الوثيقة بين النحت والعمارة؛ إذ عاد النحت إلى واجهات الأبنية ليزينها وقاعاتها. وقد تأثر النحت لاحقاً بالتيارات الفنية الحديثة ولا سيما: (الانطباعية، الرمزية) ومن أبرز فناني هذه المرحلة رودان Rodin الذي اتسمت أعماله بحرارة وجدانية كبيرة، وأثّر إبداعه في كثير من الفنانين مثل بورديل É.A.Bourdelle، ومايول A.Maillol. ومن أبرز فناني النصف الأول من القرن العشرين بارلاخ E.Barlach في ألمانيا ومشتروفيتش في كرواتيا وروسو M.Rosso وجياكوميتي A.Giacometti في سويسرا، ومن أبرز سمات هذه المرحلة تأثير التكعيبية الكبير (أرشيبنكو A.Archipenko،لوران) كما تجب الإشارة إلى فنانين مثل غابو N.Gabo، وآرب H.Arp، وكالدر A.Calder، ودوشامب M.Duchamp.
ونحت العديد من أمريكيْيألاسكا وكندا الأصليين الخشب. واشتهر هنود الهيدا في الساحل الشمالي الغربي بصنع الأعمدة الطوطمية بجانب اشتهارهم بقواربهم من نوع الكنو ذات القيدومات العالية.
ونحت اليونانيون والرومان الأحجار الكريمة بجانب نحتهم للعاج، وأنتجوا العديد من التماثيل. واشتهر الحرفيون اليابانيون بصناعة التماثيل العاجية والمراوح اليدوية.
نحت من مصر القديمة يمثل أخناتون ونفرتيتي وطفلهما
واستخدم المصريون قديمًا الخشب المنقوش في أسقف المنازل كحواجز ساترة. وشاع نحت الخشب في أرجاء العالم العربي ومنه انتقل إلى أسبانيا. ومن بين الأمثلة البارزة على المآثر العربية في مجال النحت في أسبانيا سقف خشب المدجن في قصر رئيس الأساقفة في ألكالا، والعجائب المنحوتة على جبل قصر الحمراء في غرناطة. ويحتوي الأخير على أقواس وأسقف وأبواب رائعة. وهناك تحفة أخرى تتمثل في السقف المنحوت في قصر كابيللا بلاتينا في باليرمو بصقلية.
النحت الشرقي القديم
في الشرق الأوسط، كان النحت في العهد المبكر لحضارة بلاد الرافدين يتألف من أشكال مصغرة القياس للملوك والكهنة. وقد تميز نحاتو بلاد الرافدين بعرض مناظر عنيفة، ولم يحاولوا تسجيل رسوم توحي بالحركة أو تصوير أشخاص حقيقيين، غير أننا نشاهد رسومًا أكثر حيوية تظهر بارزة على قطع حجرية صغيرة تزين الأدوات والعلب.
وخلال عهد الإمبراطورية الآشورية (بين القرنين العاشر والسابع قبل الميلاد)، استخدم النحاتون النحت حلية معمارية ونحتوا أشكالاً من الحجر للثيران والرؤوس البشرية، ونصبوها أمام بوابات القصور. وزينت جدران القصور بأشكال بارزة لأشياء كثيرة للدلالة على قصص الحملات العسكرية التي قاموا بها والحوادث الأخرى المهمة. وقد وجدت منحوتات دقيقة في نينوى (قويونجق حاليًا) تروي قصة صيد الملك للأسود وتعبّر الأشكال المنحوتة عن حركة الحيوانات بدقة وواقعية أكثر من الأشكال التي كان النحاتون القدماء يبرزونها.
أما النحاتون الفُرس في عهد الإمبراطورية الأخمينية، فقد اهتموا بنحت نماذج من أشكال تدل على أطراف الحيوانات وعضلاتها. ومثال ذلك الشكل البارز الذي يمثل الأسد وهو يشتبك في عراك مع ثور. وكان الفرس يزينون المباني بمنحوتات ناتئة كبيرة، ولكن أعمالهم الدقيقة ظلت على نطاق ضيق وتظهر على بعضها آثار واضحة للفن الإغريقي التقليدي.
أما الحيثيون الذين انشأوا مملكة كبيرة في آسيا الصغرى بعد سنة 2000 ق.م، فقد استخدموا طرازًا من النحت يشابه أُسلوب النحت الآشوري، كما نحتوا عددًا من النُصُب الضخمة من الصخر الصلد لأشكال ملوكهم وآلهتهم، أو مناظر احتفالاتهم الدينية.
لقد ازدهرت حضارة وادي السند فيما يسمى الآن الباكستان وكذلك في الجزء الغربي من الهند من حوالي القرن السادس والعشرين إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد تقريبًًا. وقد سَلمت منحوتات ذلك العهد من عوادي الزمان في معظم المناطق الرئيسية لتلك الحضارة، ومن بينها لوحات حجرية صغيرة تمثل أشكالاً بشرية وحيوانية، استخدمت أثناء احتفالات السحرة. وقد وجد أن النحت خلال الألف الأول من الحضارة الهندية القديمة بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن السادس الميلادي كان واقعًا تحت تأثير المعتقدات البوذية؛ فنجد آثار ذلك في البوابات والسياجات الحجرية التي كانت تحيط بالأبراج البوذية المقببة التي بنيت تخليدًا لذكرى بوذا. والنحت هنا حفر يشرح حياة بوذا وتعاليمه.
أما الفن الهندي خلال القرون الوسطى (منذ القرن السادس الميلادي) فإنه يعكس تأثير الهندوسية التي يمثلها شيفا معبود الهندوس الذي يصورونه في معظم منحوتاتهم على هيئة شخص بأربعة أذرع وهو يدوس بقدميه على قزم يمثل الشر. ونجدهم أحيانًا يصورون شيفا وهو يرقص في وسط حلقة نارية تمثل الكون.
والصينيون القدماء كغيرهم من الشعوب القديمة واجهوا مظاهر الكون الغامضة بتقديم العطايا إلى أرواح مجهولة. وفي عهد أسرة هان المالكة، كان تأثير الفن البوذي الهندي قد انتقل إلى الصين عبر آسيا الوسطى على أيدي تجار الحرير. وبدأ النحاتون الصينيون بنحت نُصب خشبية وأشكال حجرية تمثل بوذا. فكان لطول أناتهم في العمل ومهارتهم في صقل الأشياء، أثرهما في تحويل الفن الهندي الأجنبي إلى إيقاع متناغم مهيب.
العصور الوسطى وعصر النهضة
أحد رجال الغال يحتضر هي نسخة رومانية من الرخام لعمل أصلي هلينستي من القرن 3 ق.م.، وتوجد في متاحف الكاپيتولين، روما.
تمثال خشبي متعدد الألوان نيپالي من مملكة مالا، القرن 14.
استخدم النحاتون في هذه الفترة نفس الأساليب والأدوات التي استخدمها النحاتون القدماء. كذلك استعان نحاتو القرون الوسطى بأدوات مهيأة بشكل خاص لحفر الخشب، كانت تساعد في إنجاز أعمال بالغة التعقيد. واشتغل هؤلاء الفنانون في ورش منظمة تدعى مراكز النقابات.
تمثال منحوت من الخشب متعدد الألوان من أسرة لياو لگوان ين، مقاطعة شانشي، الصين، (907-1125 م)
بوديساتڤا خشبي من أسرة سونگ (960-1279)
وخلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، كان باستطاعة نحاتي عصر النهضة أمثال أنطونيو بالالالو عمل أشكال برونزية صغيرة المقاس لهرقل وإنتايوز. استطاع هؤلاء ان يكتشفوا تقنيات خاصة بالقوالب البرونزية الكبيرة وعمل نصب عملاقة للفرسان. وقد صنعوا آلات تقوم بتكبير النماذج، فأدى ذلك إلى تطور آلات الحفر التي تقوم باستنساخ وتكبير المنحوتات الحجرية بعملية ميكانيكية كاملة.
العصر الحديث
منحوتة تمثل جانب من قبر الشاعر البولندي الشهير سيپريان كامل نورڤيد.
لاشى كثير من الفروق الأسلوبية بين النحاتين في القرن العشرين، وازداد اهتمام النحاتين بالتجريد، فأصبح جل اهتمامهم منصبًا على مشكلات التكوين وأهملوا المحتوى أو الرسالة في العمل النحتي. ولم يَعُد اهتمامهم مركَّزًا حول الإنسان، كما كان في كل القرون السابقة.
ومما أدَّى إلى ظهور نحت مُثير وأصيل في القرن العشرين ظهور خامات جديدة، وتغير مفهوم النحت لدى الفنانين. فالنظرة الجديدة إلى الواقعية أدت إلى استخدام ضوء حقيقي، وحركة حقيقية في العمل الفني، فاستخدم النحاتون أنوار النيون، وبعض الآلات. وعلى الرغم من أن النحت الواقعي الذي يهتم بشكل الإنسان،كاد يندثر، إلا أن بعض النحاتين، استوحوا من حركة جسم الإنسان أعمالاً فنية. ومن أشهر هؤلاء النحات السويسري ألبرتو جياكومتي والإنجليزي هنري مور. أما النحات الأمريكي دوين هانسون فقد عاد إلى الواقعية بطريقة مبالغ فيها تمشيًا مع المدرسة الجديدة في النحت والتصوير التشكيلي المسماة بالواقعية المُغالية، التي تحاول كسر الحواجز السابقة التي كانت تفصل الفن عن الحياة اليومية.
تخلّى كثير من الفنانين عن النحت بالأسلوب التكعيبي حيث كانوا يركزون على الأحجام الهندسية فقط؛ كما تخلوا عن أسلوب المدرسة المستقبلية التي تهتم بتصوير حركة الأشياء، وبتوضيح الفراغ والحركة والزمن على الأشكال.
وأبدع بعض النحاتين المعاصرين ما سُمِّي بالنحت البيئي حيث يقوم النحات بالتشكيل على مساحة من الأرض أو الماء باستخدام الصخور أو الحجارة. كما في عمل النحات الأمريكي روبرت سميثسون.
وكما حاول النحاتون من أصحاب المدرسة الواقعية المغالية كسر الحواجز بين الفن والحياة، فقد حاول آخرون كسر الحواجز والتجميع بين النحت والتصوير التشكيلي، فأبدعوا أعمالاً بعض أجزائها من القماش والخشب الذي يقوم هؤلاء الفنانون بتلوينه. وهكذا أصبح فن النحت متنوعًا، ومتداخلاً مع غيره من الفنون التشكيلية.
لقد أجبرت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية خلال القرن العشرين النحاتين، على أن يستخدموا أساليب ومواد تختلف عما كان يستخدمه النحاتون الذين سبقوهم ـ ومعظم النحاتين يعملون بمفردهم وليس في داخل ورش وقد تعلموا في المدارس لا كمتدربين في الورش، وكان عليهم أن ينجزوا العمل بسرعة بالنظر إلى التكاليف الباهظة للبقاء في أستديو واسع مع غلاء الأدوات والمواد. وعلى الفنان أن يقيم معارض دورية منظمة لعرض إنتاجه والتعريف به وليجذب إليه الانتباه ويبيع جانبًا من منجزاته. وفي يومنا هذا، نجد قليلاً من النحاتين ممن يحفرون في الخشب أو الحجر، لأنه عملية شاقة ويستغرق وقتًا طويلاً ولا ينتهي العمل فيه قبل أن يقوم الفنان بعملية الصقل النهائي عليه بمطرقته وإزميله، فضلاً عن أن النحات يصبح بحاجة إلى مال ينفقه في مواد باهظة الثمن، لذلك فإن عملية تشكيل النماذج تكون أسرع بكثير وأكثر ملاءمة من عملية الحفر. [3]
ويصبح باستطاعتهم أيضًا تغيير التصاميم في أثناء العمل. وهذه السرعة في الأُسلوب تروق الفنان الحديث كثيرًا.
تصنيف النحت
يتمثل التصنيف التقليدي للنحت بالتنوع التقاني، ويعتمد أولاً على طريقة التشكيل الفني بالمادة المستخدمة في بناء التكوين.
يقسم النحت إلى نوعين:
ـ المنحوتة المدروسة من جميع وجوهها: توضع في الفراغ ليتمكن المشاهد من رؤيتها كاملة بالالتفاف حولها. وثمة منحوتة توضع في الفراغ ولكنها مثبتة على خلفية.
ـ المنحوتة المدروسة من واجهة واحدة وهي بالضرورة متلازمة مع الخلفية. وتقسم إلى مجموعتين:
ـ المنحوتة المعالجة بطريقة بروزها الملحوظ فوق الخلفية.
ـ المنحوتة الغائرة والمعالجة في عمق الخلفية.
تصنف المنحوتة أيضاً بناءً على أبعادها، وعلى المقارنة بين العناصر المؤلِّفة للتكوين مع مثيلاتها في الواقع فيقال: منحوتة بالحجم الطبيعي، منحوتة أكبر من الحجم الطبيعي، منحوتة أصغر من الحجم الطبيعي، والمنحوتة الصغيرة كما هي الحال في (الميدالية والتماثيل الصغيرة).
وثمة تصنيف آخر يعتمد الجانب الفكري أو الموضوع المطروق. وهذا التصنيف له حضوره على المستويات الاجتماعية المختلفة ومن الممكن ترتيبه على النحو الآتي:
ـ النحت الديني أو الطقوسي، ويرتبط بأماكن العبادة.
ـ النحت النصبي، ويرتبط بالأحداث التاريخية والشخصيات الوطنية وينصب في الشوارع والساحات وفي مواقع المعارك والأحداث.
ـ المنحوتة المعمارية وتقام أمام المباني أو على جدرانها.
ـ المنحوتة الحدائقية وتتوضع في المتنزهات والحدائق إحياء لذكرى الأحداث المهمة وعظماء الأمة.
ـ المنحوتة الصغيرة: وتتمثل هذه المنحوتة في الميداليات والأوسمة والدروع، كما ينضم إليها سكّ العملة والأختام.
النحت والفنون الأخرى
تتصل جميع الفنون ببعضها علي الرغم من اختلافاتها الجوهرية وكون اندراجها تحت مصطلح عام يسمي باسم الفنون يعطي لها طابع الارتباط أو الاتحاد إلي جانب عاملين آخرين، حيث نجد أن الفنون ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببعضها من:
– ناحية الجودة.
– من ناحية الغرض الوظيفي أي أنه يمكن أن يؤدي نوعاً من الفنون وظيفة نوعاً آخر أي تبادل للوظائف والأغراض: فالعمارة يغلب عليها الطابع الزخرفي وقد يكون لها طابع تصويري كما في الجوامع والقصور ، وقد اتحد فن النحت مع فن العمارة منذ قديم الأزل.
استخدامات النحت
– قد تم استخدام فن النحت منذ القدم لأغراض عديدة:
1- كغرض تذكاري وتخليدي.
2- كغرض تاريخي.
3- كغرض ديني.
4- وفي بعض الأحيان يستخدم كسجل لتدوين الموضوعات اليومية لبعض العادات المتبعة.
إلا أن هذا الغرض الأخير استخداماته ضئيلة بالنسبة للموضوعات الأخرى المستخدمة إلي جانب الموضوعات الأدبية.
الحجم وفن النحت
تتدرج أبعاد التمثال المختلفة إلي بعدين:
1- بعد يزيد عن الحجم الطبيعي ليصل إلي الحجم الضخم وكثيراً ما يتواجد في أعمال النحت القديمة خصوصاًً تلك التي ارتبطت بفن العمارة مثل تمثال أبو الهول في الحضارة الفرعونية المصرية القديمة.
2- بعد يقل عن الحجم الطبيعي ليصل إلي حجم أصغر من الحجم الطبيعي مثل العملات. ونجد أن الحجم في فن النحت يتأثر بالغرض الوظيفي ما لم يكن العامل الوحيد مثال: وظيفة تمثال خفرع الاجتماعية والمعمارية هي تخليد عظمة فرعون. وتخضع الأحجام أيضاً في فن النحت حسب الخامات المتوافرة في مرسم النحات ، وحسب إمكانياته المادية المحدودة.
أنواع أعمال النحت
أشهر أنواع النحت وأكثرها انتشارًا هو ما يسمى بالنحت المستقل أو المجسَّم